قال أفلاطون :
كما أن لهذه الدنيا شمساً يستضاء بها ويـُعرف بها الليل من النهار والأوقات والأشخاص والأجرام فكذلك للنفس نور تميز به بين الخير والشر وهو الحكمه فإن الحكمه أشد ضياءً من الشمس وإن للنفس صحة ً وسقماً وحياة ً ونحوتاً فصحتها بالحكمه وسقمها بالجهل وحياتها بأن تعرف خالقها وتتقرب إليه بالبر وموتها أن تجهل خالقها وتتباعد عنه بالفجور .
والفجور هي الذنوب واتباع الأهواء والرغبات التي تلح عليها النفس من دون رادع أو مانع إنها ذلك المرض الذي يصيب النفس قبل أن يفتك بالجسد
الذنوب توجد ظلمة في القلب، وتسلب صفاء النفس، وتنزع البهاء من الوجه , وتورث الفقر , وتطمس العلم هذا عدا عن العقاب الشديد في الآخره لمن رحل بنفس عليله محمله بالآثام والمعاصي .
ولقد تعامل الإسلام مع هذا المرض بمنهج يطابق تماماً المنهج الطبي بشأن صحة الإنسان وسلامته ونجد أن النبي صلى الله عليه وسلم كالطبيب الحاذق على رأس المريض ووصفه الإمام علي رضي الله عنه بقوله:
" طبيب دوّار بطبِّه، قد أحكم مراهمه وأحمى مواسمه، يصنع ذلك حيث الحاجة إليه في قلوب عمي، واذان صم، وألسنة بكم ".
ففي وصف الإمام علي للنبي صلى الله عليه وسلم أنه كان طبيباً سيّاراً، يحمل معه في حقيبته الأدوية اللازمة للتضميد والمعالجة فإذا وجد قلوباً عمياء وأرواحاً صمَّاء قام بمعالجتها وأنقذ الناس من الموت المعنوي والإنهيار الخلقي.
وعن كيفية هذا العلاج ومراحله فقد أبدع أحد الحكماء في إعداد وصفه شافيه لعلاج الذنوب وعلى لسان طبيب في قصة تقول :
وقف رجل على طبيب وحوله خلق كثير بأيديهم قوارير والطبيب يقابل كل عله بدوائها يعطي لهذا القابض ولهذا المسهل ولهذا الحار ولهذا الرطب . فوقف الرجل وقال :
أيها الطبيب أعندك دواء لداء الذنوب يرحمك الله ؟!!!
فأطرق الطبيب رأسه الى الأرض ثم رفعه وقال :
إسمع دواءً إن عملت به رجوت لك الشفاء إن شاء الله :
خذ عروق الفقر وزنجبيل الصبر واخلطهما بسفوف الذكر وامزجهما برقائق الفكر واجعل معهما إهليلج التواضع والخشوع ودقه في مهراس التوبه والخضوع ولته بماء الدموع واجعله في طنجير التذلل وأوقد تحته نار التوكل وحركه بملعقة الإستغفار حتى يزيد زبد التوفيق والوقار ثم ضعه في آنية المحبه وبرده بمروحة الموده وصفـّه بمصفى الأحزان وصب عليه عصير الأجفان واجعل معه حقيقة الإيمان وامزجه بخوف الرحمن وتغذ ّ قبل شربه بمر الصيام ودم على هذا ما عشت من الأيام
وإياك أيها العليل أن تقرب في أيام دوائك شيئاً من الآثام فإنها تجدد عليك ما رجوت برءه من الأسقام وتجنب في دوائك العجب والرياء والبس لباس الحياء وشد على وسطك منطقة الصدق والوفاء وإياك أن تدخل بيتك إلا من باب التوبه والصفاء فإذا دمت على هذا الدواء صفا قلبك بين القلوب وزالت عنك أوجاع ألم الذنوب .